الأستاذ الدكتور ناصر نايف البزور
الشيخةُ أو المَشيخةُ هي توصيفٌ دقيقٌ لحالةٍ حقيقيةٍ تعكسُ أهليةَ صاحِبها ليحملَ لقَباً مُستحَقَّاً وهو لقبُ “الشيخ” وكلّ ما يرتبطُ بمِثل هذه التراتُبية المُجتمعيّة وصِفاتها وأوصافها التي يَحملها الوُجهاءُ، والنُقباءُ، والحُكماءُ، وأهل الحلِّ والعَقد على اختلاف هذه المُسمّيات عَبرَ مُختَلَفِ العُصور وفي مُختَلَف الثقافات…🤔🤔 فالمهندسُ يحتاج لدراسة الهندسة في جامعةٍ مُحترمة ومعترف بها والحصول على درجة البكالوريوس كحدٍ أدنى ليُسمِّيَ نفسه أو ليُسمّيه الناسُ مُهندساً، وكذلك الأستاذ الجامعي “الدكتور”، وكذلك الطبيب، وكذلك المعلّم، وكذلك الصيدلاني…🤔
فإن كان الشخصُ لا يَحملُ هذه الدرجةَ العلمية الدقيقة والمناسبة لهذا التوصيف أو إن كانَ قد حصلَ عليها بالتزوير أو بشرائها بطريقةٍ أو بأخرى، كما أصبَحنا نرى في العقدين الماضيين، فعندها يكونُ هذا الشخصُ نَصّاباً ومُحتالاً… وهذا ممّا عَمَّ بهِ البلاءُ في زماننا…🤔😥 وهذا الكلامُ يُغضبُ أمثالَ هؤلاء مِن المُحتالين… وستجدون بعضَهم يقومُ بالتعليق المشين على هذا المنشور وعلى معظم منشوراتي بما يعكسُ أخلاقهم البائسة وتربيتهم السيئة…🤔
وبما أنّ المَشيخة هي درجةٌ ومرتبةٌ اجتماعيةٌ وأنّها في أصلها امتدادٌ مَنطقيٌّ لدلالة اللفظ “شيخ” في توصيف الكبير في السنِّ مروراً بتوصيف الكبير في العِلم والكبير في القَدر والكبير في الدين؛ وبما أنّه لا توجدُ جامعةٌ رسميةٌ في العالم تَمنحُ مثلَ هذه الدرجة بأيّ تقديرٍ كان سوى جامعة الرجولة وجامعة الحياة بما تشهدُ به الأحداثُ من مواقفَ وتاريخٍ وحَسبٍ ونَسبٍ ومروءةٍ وحِكمةٍ؛ سواءً كانَ ذلك بتقدير “مقبول” أو “جيّد” أو “جيّد جداً” أو “امتياز مع مرتبة الشرف”🤔 فهذه وصفةٌ عَمليةٌ وواقعيةٌ تدلّ الباحثين عن هذه الشهادة على الكيفية التي قد يحصلونَ من خلالها على لقب “شيخ” حقيقي بالمفهوم الاجتماعي والثقافي واللغوي للكلمة وما يستلزم ذلكَ مِن الحُقوق والواجبات…🤔 وهذه هي عشرةٌ مِن أهمّ الشروط والمواد الدراسية التي يجب على الشيخ الحقيقي أن يجتازها بنجاح في “جامعة الحياة والرجولة” 🤔🤔🤔
1. أن يحصل الطالبُ على تقدير جيّد جداً
في معاني الرجولة، كحدٍّ أدنى، ليحقّ له أن يتقدّم بطلب الالتحاق بهذه الجامعة…🤔 والقبول يكون على أساس التنافس وليس على نظام الكوتا ولا الواسطات…🤔🤔
2. أن يكون الطالبُ طيِّبَ المنبت ونبيلَ الأخلاقِ وكريمَ الأصلِ وسليلَ النَسب وصاحب دينٍ وشَرَف…🤔
3. أن يسعى في قضاء حوائج الناس لوجه الله، وليس لتحقيق مصالح شخصية، وأن يبذلَ مِن حُرّ ماله لإعانة الفقير وإغاثة المسكين…🤔
4. أن يبذل الجهد الكبير وان يُنفقَ ما استطاع مِن المال والوقت للتوفيق بين الناس وليس للتفريق والفتنة بينهم…🤔
5. أن يكون بيتُه مَوئلاً لإطعام الفقراء وإكرام الضيفان بما استطاع…🤔
6. أن يكون شريفاً، وعفيفاً، ونظيفاً لتكون له مصداقية بين الناس…🤔
7. أن يكون شهماً، وجريئاً وشجاعاً ليسعى بتحصيل حقوق الناس…🤔
8. أن يكون نبيهاً وحصيفاً وحكيماً ليقضي بين الناس بالعدل والحقّ… ويشير عليهم بالأنفع والأصلح…🤔
9. أن يجتازَ هذه المقررات الدراسية والعملية بتقدير “جيّد” كحدٍّ أدنى، وأن يحصلَ على مجموعة رسائل توصية مِن أهل الفضل والرأي في هذا المجال، بعيداً عن آراء الجَهلةِ والسُفهاء…🤔
10. أن يحصلَ الخرّيج على براة الذمّة الكاملة لإثبات براءته التامّة مِن ارتكاب الرذائل وخوارم المروءة التي تتنافى مع أبسط قِيَم الرجولة كالكذبِ، والتدليس، والغيبة، والنميمة، والفتنة، والحَسد، والإفك…🤔
فمَن اجتمعت فيهِ هذه الشروطُ وهذه الخصالُ واجتازَ جميعَ مُقرّراتها الدراسية النظرية والعَملية عبرَ السنين الطويلة مِن التجارب والمحكّات فهو شيخٌ حقيقيٌّ وصاحبُ مَكانةٍ رفيعةٍ تتناسبُ مع التقدير الذي يحصلُ عليه في مُعدّلهِ التراكمي الحقيقي، شاءَ مَن شاءَ وأبى مَن أبى…🤔 ومَن كانَ غيرَ ذلك فهو لا يُساوي “كيس خيش” مِن التِبن حتّى لو امتلكَ مئات الملايين ورَكبَ الرولز رويس أو اللكزس أو اللاندروفر…🤔 فقد رأينا الليدي جاجا والمغنّية أحلام وأمثالهما يركبنَ أفخمَ مِن هذه السيارات…🤔 وحتّى لو ارتدي أفخم عبايات الصين وتايلاند وطريق الحرير؛ فقد رأينا عباية دونالد ترمب “أبو إيفانكا”…🤔 ورأينا عباية ميسي؛ وقد نرى عباية رونالدو القادمة في طريقها إلينا… وكلاهما لاعبان وليسا شَيخَين بالمفهوم الحَرفي المُنضبط؛ وإن كانا مِن أسياد كرة القدم ودهاقنتها…😂🤔
ولأنَّ النبيَّ الكريم، عليه صلوات ربّ العالمين، قد أمَرَنا بتقدير وتبجيل أهل الفضل فقالَ في الحديث الصحيح: “أنزلوا الناسَ منازِلهم”؛ وقالَ بأبي هو وأمّي في حديثٍ آخر أيضاً: “ليسَ مِنّا مَن لا يُوقِّرُ كبيرنا…”؛ كما عَلَّمنا صلّى الله عليه وسلَّم فقالَ في حديثٍ ثالث: “خِيارُكُمْ في الجاهليةِ خِيارُكُمْ في الإسلامِ إذا فَقِهوا”
🤔🤔 والخَيرية التوقيرُ وإنزالُ الناسِ منازلهم تقتضي الاحترامَ والتقديرَ وحتّى التبجيلَ والسمع والطاعة في غير معصيةٍ ولا نقيصةٍ ولا جَهالة…🤔 طبعاً فهذا لا يعني أبداً أنّهم مُقدّسون ومَعصومون؛ فمِن حَقِّ أيِّ إنسانٍ صاحب رأيٍ مُتَّزِن وعقلٍ راجحٍ ومعرفةٍ مُقدَّرة (مع التأكيد على عبارة وشرط “صاحب رأيٍ مُتَّزِن وعقلٍ راجحٍ ومعرفةٍ مُقدَّرة”؛ وليس كلّ مَن هَبَّ ودَبَّ) أن يُخالفهم الرأيَ ولكن…. ولكن… ولكن… بحدود وضمن ضوابط اللباقة والأدب والاحترام وبعيداً عن الوقاحة والإسفاف والمهاترات والمناكفات…🤔 وهذا يضمنُ تماسكَ العائلةِ والعشيرةِ والقبيلةِ والمُجتمع ويحفظُ وحدتهُ ومَنَعَتهُ وقوّته…🤔
ولذلكَ فإنَّ الأسرة التي لا كبيرَ فيها، والعشيرة التي لا كبيرَ فيها، والقبيلة التي لا كبيرَ فيها ضعيفةٌ وهزيلةٌ ومُتفكّكةٌ ومُتفرِّقة؛ وهي في طريقها إلى الفشلِ والانهيار والضياع…🤔 ومَن يُنكرُ فضلَ الشيوخ والوجهاء الحقيقيّين ودورهم الاجتماعي والاقتصادي وحتّى السياسي في تاريخنا وحاضرنا فهو جاهلٌ بهذه الحقيقة الراسخة، أو جاحدٌ لها، أو ثائرٌ ومُتمرِّدٌ عليها، أو حاقدٌ على أهل الفضل في مُجتمعه، أو طامعٌ بمزاحمة أهل الفضل العظيم والشرفِ الرفيع وهو ليس مِن أهل ذلك الفضل…و”ذلك فضلُ اللهِ يؤتيهِ مَن يشاء”🤔
وإن كانَ أمثالُ هؤلاءِ لا يُؤمنون بالشواهدِ القرآنية ولا بشواهدِ السيرةِ النبويّة العَطِرة، فنقول لهم: عَليكُم أن تَتذكّروا أهازيجَ الجوفية الجميلة التي كان يَصدحُ بها آباؤُكم وأجدادُكم مِن أعماقِ قُلوبهم ومع نبضِ دمائهم في جميع أعراسهم ومناسباتهم العزيزة على قلوبهم…🤔 كانَ ذلكَ عندما كانت الأعراسُ تجمعُ أهلَ البلدة مِن أقصاها إلى أقصاها… وعندما كانت الأعراسُ تزرعُ القِيَمَ العظيمة وتتباهى أهازيجها ورجالاتها بالقِيَم النبيلة ومكارمِ الأخلاق وتمايل نَصال السيوف بدلَ التباهي بارتفاع أبراج الإنارة وعدد الكراسي وعدد مُكبّرات الصوت والأغاني الهابطة وهزّ الخَصر للرجال، كما أمسينا نرى في بعضِ أعراسنا اليوم، ولا حولَ ولا قوَّة إلّا باللّهِ…😥🤔
فتلك الأهازيجُ بالتالي ليست للتعبير عن الابتهاج وحَسْب، بل إنّها تَعكسُ في جُلِّها سُلوكاً وفِكراً وتاريخاً وأخلاقاً عظيمة لمَن أرادَ مَعرفةَ الحقيقةِ والالتزام بالحقّ وطريقه ومنهجه: “وليا حَضَر شيخنا… شيخٍ يِهبلَ القبايل ما حَدِّن يِداني حِماه… والقَصر هَدِّن ركُونَه يبكي على اللي بَناه…. يا كلوب واسحَب أذنابك والوطن حِنَّا حِماه… وِحنَّا سَنَد جيشنا… شيخٍ يهزَّ القبايل ما حَدِّن يِداني حِماه…”🤔
وللعلم، فهذه الأهازيج الحماسية الرائعة هي التي استقبلَ بها وُجهاءُ الرمثا وشيبانُها وشبابُها الشهيدَ الخالد، وصفي التل، عام 1968… وهو عامُ الكرامة؛ عام العِزَّة والمجد والكرامة الذي سَطَّرَ فيه أبطالنا النصرَ الأسطوري على العَدو الص*هيو*ني الغاشِم…🤔🤔 #للعقول_الراقية
وليا حَضَر شيخنا..
594