113
فهمي العزايزة
شبه المفكر المغربي محمد عابد الجابري هجرة العرب إلى “ورا” بذاته موسم الارتحال بقطعان القبيلة العربية الرعوية بحثا عن الماء والكلأ، مفسرا “الردة من الدين إلى القبيلة” في اجتماع سقيفة بني ساعدة بعد وفاة النبي بأن كل قبيلة أرادت الخلافة لنفسها.
وكان ابن خلدون قد فسر هذه الظاهرة باستمرارية “البنية المجتمعية الصحراوية البدوية” وسيادة قيم وأعراف “العصبية القبلية”، مسترجعة تاريخها الممتد لآلاف السنين إذ لم ينس العرب ماضيهم القبلي، فالمجتمع الذي تنجبه الصحراء هو مُهدد بطبيعته للحضارة، مشيرا بذلك إلى قبائل بني هلال البدوية التي غزت المدن المغربية كالجراد المنتشر، لا يمرون بشيء إلا أتوا عليه، فاتسع مجال البداوة وحياة الترحل وتقهقرت الزراعة وقُطعت الغابات والأشجار، واصفا هؤلاء الأعراب بقوله:”إن هؤلاء لصوصا أوباشا وكلابا هراشا.. كانوا سببا في سقوط وانحطاط الدولة الحضرية”. ووفق نظريته الدائرية:”التاريخ يُعيد نفسه” تبدو الانتخابات بمثابة “موسم هجرة العودة إلى القبيلة”، ليطرد الدين من على منبره ويحل بديلا عنه “خطاب القبائلية” بإحلال دينها “عبادة السلف الأعلى للقبيلة” السابق في وجوده على الأديان السماوية..؟!
كما وأضاف علماء الأنثربولوجيا أن مجتمعات “ما قبل الدّولة” بكونها لا تزال في الطور البدائي البدوي تسودها “ثقافة اللادولة”، حيث الحاكم بمثابة “أب أو شيخ قبيلة”، بل وترقيته إلى مرتبة “الإله” واقتصار المناصب على الحاشية والمُقرَّبين من السلطةِ أو الضالِعين فـي رِكابِها، باعتماد “مبدأ الولاءات” لا “الكفاءات” وسيادة مقولة نيرون “أنا الدولة والدولة أنا”..؟!