الرئيسية / صورة و تعليق / كورونا إذ يحتفي بسايكس 

كورونا إذ يحتفي بسايكس 

كورونا إذ يحتفي بسايكس

صادف 16 شباط الفائت مرور مائة نازفة على منية مايكل سايكس الخناس، مستشار مجلس حرب العظمى لشؤون الشرق الجريح، مهندس الوعد القبيح وسيد إتفاقية الغدر مع بيكو اللعين. قضى سايكس وله من العمر تسع وثلاثون، ينازع الإنفلونزا التي فضحتها إسبانيا، وحيداً في فندق لوتي ولوعة باريس، إنطفأ على هامش فرساي للسلام، وما أمطر على العروبة سوى المعمعة والدمار. زهق سايكس وحيداً في عتمة الإنزواء وحمى الوباء حيث انتهي في مخبيء العزلة وغرف الحجر، يحتضن السعال والحرارة وزعيق الرئتين. مضى سايكس يزحف في التاريخ وضجيع الخطيئة إذ أضحت في عنقه طوق حمام، فنعته الصهيونية، شريكته في الجريمة والجناية، إذ قالت عنه: “سقط البطل وهو يقف إلى جانبنا”. مرت مئوية سايكس دون أن يذكره أحد، حتى ذلك القطيع الذي وقف إلى جانبه جباناً خرعاً. هلك سايكس راقصاً بين حتفه ونحبه، ووحيداً احتفى به الكورونا وصفق لتلك الذكرى، أخبر العالم كله بما اقترفت روحه ويداه.

اليوم كوشنر من بعد سايكس يأتي وله من العمر كذلك تسع وثلاثون، من ثنايا السجن والإفلاس يعلن بشرى الخراب، يحتفي وريث المحتال وذاك المملاق الهجين بالصفقة والتزوير. مائة مضت ما بين سايكس وكوشنر وحكاية الأسى، استبد فيها الألم وطال الشقاء ما بين الإنفلونزا وكورونا. يتشدق اليوم كوشنر بكلام مثلما أصداء بوم يمزق جنب السكينة والسلام، به يغرق الأرض كمداً وكآبة. لعل مخالب كورونا تنهشه في مصارع الوحدة، تجوب به مساحة اللوعة ما بين زعامة التحضر وصروح المدنية، من لندن إلى إقاصي الغرب في كاليفورنيا والمحيط، ثم ترديه في مصارع الوباء، تجعل أنفاسه تتصعد في السماء، وتحيله إلى بائس يأكل الجوع ويتوشح الخوف.

قريباً سيأتي وعد الله ويرفع الوباء والغمة، قريباً ستطهر السماء أرض الأنبياء وتمسح القيامة والمسجد وأكنافه بضياء الصبر وتهليل الأجراس والمآذن، قريباً سيأخذ الرجس معه الورز ويهجر قرن ضاع ما بين بحر مريض وصحراء حزينة، ذرفت دماً بعد أن حل بها ظلم إنسان لأخيه الإنسان، بها عقدت ألوية الأعداء ضيماً وحقداً. قريباً سيدفع الله البلاء والخطب عن أرض طالت بها المحن واستبد الألم، قريباً ترحل المآسي من بلادي، ويقف نزف الجرح على قبر سايكس، ينصت لأنين السنين وغيض المد حين يمسي جزراً، حين يتلذذ كوشنر بذائقة المصيبة ويحتسي النكبة، ثم يتجرع اليأس بكأس كورونا والصفقة.

د. عبدالله الزعبي.

تعليق واحد

  1. د. عبدالناصر العبسي

    الف الف تحيه للكاتب، لقد ابدعت و انني على يقين ان اللعنه سوف تحل بكل متكبر زنديق ينبطح للمحتلين و المستوطنيون الدخلاء على ارضنا.