فراطة

بسام السلمان
ما ان يهل شهر تشرين اول” 10 ” حتى يشغل جارنا في السوق رصاعة الزيتون، وعندما اسمع صوتها صباحا اتذكر ان هناك مصطلح اخر وهو شقيق لمصطلح الرصع وملازم له وهو مصطلح “فراطة”
يعود مصطلح فراطة إلى الفعل فرط بلهجتنا المحكية والدارجة وتتعدد معاني هذه الكلمة فمن فراطة الخمسين دينار والتي لن تجد من يفكها أو يفرطها فأنت تسأل صاحب الدكان (عندك فراطة خمسين دينار) فيحلف ألف يمين بأنه بعده ما (استفتح) مع العلم إن جراره مليء بالفراطة وأيضا كلمة زلمة فراطة والتي تعني رجلا بلا قيمة ولا موقف ولا قدر وغير محترم، وله معنى رومانسي حين تستغل أم العيال خلود أطفالها للنوم فتقوم بإحضار عدد من حبات الرمان وتفرطها لزوجها ليتناولها في ليلة يكون فيها القمر بدرا وتنتظر أن تسمع منه قليلا من فراطة الغزل والحب بينما هو يضع رأسه في صحن الرمان وتنتقل عيناه ما بين حبات الرمان وجسد المطربة في المحطة الفضائية وكأن زوجته المسكينة غير موجده فتتنهد وتقول في سرها (زلم أخر زمن زلم فراطة) وتنتقل الكلمة في اشهر المطر والبرد شهر تشرين ثاني واشهر الكوانين الأول والثاني شهر فرط الزيتون في الزمن المبلول بالحب وبطولات الأطفال في تسلق أشجار الزيتون العالية حيث كنا نتسابق من يجمع أكثر من حبات الزيتون وكانت العائلة كلها تجتمع على حت شجرة زيتون ثم تنتقل إلى شجرة أخرى بضحك وحب ومرح بعيدا عن الفضائيات وكنا نجمع حبات الزيتون المليئة بالخير بأكياس ونحملها إلى المعصرة ونظل أطفالا وشيوخا ونساء قربها إلى أن يحين دورنا ولو بعد حين، وتزداد الفرحة وزيت الزيتون الرائع ينسكب من المعصرة في الأوعية البلاستيكية والتنك يظل ينسكب كجدائل امرأة عربية وعيون طفلة لم تزل في نقية.
وعودة إلى كلمة فراطة فانا لا ادري أي معنى أطلقه على وضعنا العربي اهو عدم وجود فراطة في دكان السياسة العربية علما أن جراراتها مليئة بالإمكانيات مثل النفط والفحم والبوتاس والغاز وو ووو.. أو بمعنى رجل فراطة لان كل مواقفنا أصبحت فراطة وليس لها معنى ولا قيمة ولا مواقف حقيقية ولا قدر في شتى أنحاء العالم أم أنها فراطة رمان أو أنها كعملية فرط الزيتون والتي كانت بالسابق طقوس عائلية وأصبحنا ألان نستأجر الفريطة الذين يأخذون كل شيء حتى أن 90% من زيتنا أصبح لهم ونحن اكتفينا بال10 % من حياتنا التي أصبحت كلها فراطة.
حقا المواطن اصبح بعد الفرط يحول مباشرة وبدون استئذان الى الرصع.

تعليق واحد

  1. نادم من باع أرضه – وجميل هذا المقال -وأجمل ما فيه التحذير الخطير من هجران الارض الزراعية وكروم الزيتون في وقت تشتد فيه البطالة وتزداد حالات الفقر والعوز – والأخطر من ذلك استسهال بيع الارض الزراعية بحجة عدم الجدوى والضرورات تبيح المحظورات – وفي الغالب هوية المشتري مجهولة – وأسوأ ما في الامر سماسرة الارض في الرمثا الذين يبيعون لمن هب ودب وبأسعار بخسة على حساب صاحب الارض مستغلين حاجته وجهله وقلة حيلته – ولا حول ولا قوة الا بالله-