الرئيسية / كتاب الموقع / علموا أولادكم أن إسرائيل هي العدو

علموا أولادكم أن إسرائيل هي العدو

مصطفى عبد السلام

حتفل المصريون اليوم الاثنين بالذكرى السادسة والأربعين لنصر السادس من أكتوبر 1937 والتي نجح خلالها الجيش المصري في إلحقاق هزيمة قاسية بالجيش الإسرائيلي وتحطيم الأسطورة التي بناها لنفسه على مدى سنوات طويلة وهي أنه جيش لا يقهر، وأن هزيمته مستحيلة لأن لديه أسلحة أميركية حديثة ولديه حصن منيع بناه شرق قناة السويس هو خط بارليف.

وعلى الرغم من محاولة بعض الأنظمة العربية طمس معالم هذا النصر التاريخي عبر الإسراع من خطى التطبيع بكل أشكاله مع دولة الاحتلال، وإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية مع الحكومة الإسرائيلية، إلا أن نصر أكتوبر لا يزال عالقاً بالذاكرة العربية التي تشعر بالنشوة والفخر عندما تتذكر أنه في مثل هذا اليوم عاشت إسرائيل أسوأ أيامها منذ إعلان تأسيسها في عام 1948، وأنها لن تتمكن بعد ذلك من تحقيق انتصارات عسكرية سهلة على العرب.

في مثل هذا اليوم العظيم من تاريخ مصر والعرب، لا بد أن نتذكر خمسة أمور هي:

الأول، أن الجندي المصري هو صاحب النصر الحقيقي في تلك المعركة، فقد تعافى هذا الجندي سريعاً من هزيمة 5 يونيو 1967 والتي استغلتها إسرائيل في محاولة تحطيم معنوياته للأبد، لكن هذا الجندي نجح نجاحاً قوياً في معركة القناة، حيث عبر أصعب مانع مائي في العالم هو قناة السويس، وحطم خط بارليف في 18 ساعة، وهو رقم قياسي لم تحققه أي عملية عبور في تاريخ البشرية كما تقول المراجع العسكرية.

وتم هذا النصر على قوات الاحتلال بأقل خسائر ممكنة، بلغت على الجانب المصري 5 طائرات و20 دبابة و280 شهيداً، وبما يعادل 2.5% من سلاح الطيران و2% من الدبابات و0.3% من الجنود، أما العدو الإسرائيلي ففقد 30 طائرة و300 دبابة وآلاف القتلى والأسرى، وخسر معهم خط بارليف بكامله، وتم ساعتها سحق ثلاثة ألوية مدرعة من قواته ولواء مشاة كانت موجودة في الجانب الشرقي من قناة السويس، وبذلك أنهى نصر أكتوبر أسطورة خط بارليف التي كان يتغنى بها الإسرائيليون منذ هزيمة 1967.

الثاني، نتذكر بكل الفخر شهداء حرب أكتوبر 1973 الذين أعادوا لنا الثقة في ذاتنا وهويتنا وتاريخنا، وأعادوا العزة للعرب جميعا والتي ضاعت خلال أكبر هزيمة تعرضوا لها يوم 5 يونيو 1967، وضاعت معها مساحات كبيرة من الأراضي العربية، حيث هزمت إسرائيل وقتها جيوش 3 دول عربية هي مصر وسورية والأردن، واستولت في ذلك اليوم المشؤوم على شبه جزيرة سيناء المترامية الأطراف التي تمثل نحو 15% من مساحة مصر، كما احتلت هضبة الجولان السورية، وانتزعت الضفة الغربية من الأردنيين.

الثالث، هو أنه رغم حالة تزوير التاريخ المعاصر، إلا أنه يظل الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة خلال نصر أكتوبر العظيم ومؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر هو المهندس الحقيقي لهذا النصر، فهو الرأس المدبر للهجوم المصري الناجح على خط الدفاع الإسرائيلي بارليف في حرب أكتوبر 1973 وهو واضع خطة العبور كاملة، وعلى الرغم من حالة التشويه التي تعرض لها الشاذلي عقب خلافه مع السادات ثم مع مبارك إلا أنه لا يزال يحجز مساحة متميزة في قلوب المصريين.

الرابع، علموا أولادكم أن إسرائيل لا تزال هي العدو الأول للعرب مع استمرارها في احتلال القدس الشريف والأراضي العربية في فلسطين وهضبة الجولان، وبالتالي فإن القبول بأي عملية تطبيع سياسي واقتصادي وتجاري مع إسرائيل هي خيانة لأرواح شهداء نصر 6 أكتوبر، وأن الصفقات التي تبرمها حكومات عربية من وقت لآخر لاستيراد الغاز الإسرائيلي المنهوب هي خيانة لأرواح كل الشهداء الذين خاضوا حروبا عدة ضد دولة الاحتلال لإعادة العزة لنا.

الخامس، أن حرب أكتوبر 1973 كانت تجربة رائدة للتعاون العربي، ولولا المساعدات العربية التي قدمتها العديد من الدول العربية لمصر لما تحقق النصر بهذا الشكل، فبالإضافة إلى مشاركة القوات السعودية في الحرب العربية الإسرائيلية، ضمن الجبهة السورية، أمر ملك السعودية فيصل بن عبد العزيز بقطع البترول عن الولايات المتحدة أثناء حرب 1973 لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي المحتلة، كما قررت دول الخليج الغنية بالنفط معاقبة الغرب على موقفه الداعم لإسرائيل باستخدام “سلاح النفط”.