الرئيسية / كتاب الموقع / الدكتور عبد الله الزعبي يكتب.. عقيدة الصدمة

الدكتور عبد الله الزعبي يكتب.. عقيدة الصدمة

عقيدة الصدمة
تكشف الكاتبة والصحفية الكندية ناعومي كلاين، التي تتميز بكتابتها المناهضة للسياسات النيوليبرالية والشركات متعددة الجنسيات والعولمة الاقتصادية، في كتاب “عقيدة الصدمة” الذي نشر عام 2007، عن إكذوبة انتصار نظرية السوق الحرة العالمية ديموقراطياً، إذ تروي قصة القبضة المحكمة وسياسات “السوق الحرة” التي تنتهجها أميركا للسيطرة على العالم عبر الخوض في اسلوب تفكير الساسة وتعقب أثر الأموال وسلاسل الدمى التي تقف وراء الأزمات والحروب واستغلال الشعوب والبلدان التي أصابتها الكوارث. واستندت الكاتبة إلى أبحاث تاريخية ومجموعة من التقارير الصحافية الميدانية في مناطق الكوارث على مدار أربع سنوات، تبين عبرها بوضوح كيف أن الرأسمالية الكارثية ما فتئت تعيد هندسة الشركات بسرعة مذهلة عبر اطلاق رصاصة الرحمة على المجتمعات التي تعاني من الصدمة. وتضرب عدة أمثلة على تلك السياسة، فمن الحرب على العراق حيث أعظم المشاهد فوضوية تمثلت ذروتها في القانون الذي سمح لشركة شل البريطانية للبترول بوضع يدها على احتياطيات النفط الهائلة في البلاد، إلى اضحوكة إدارة بوش التي احالت بهدوء عطاء تشغيل “الحرب على الإرهاب” إلى هاليبورتون وبلاك ووتر في اعقاب احداث 11 سبتمبر مباشرة، إلى فضيحة بيع الشواطئ الساحرة لمالكي المنتجعات السياحية على أثر تسونامي الذي مسح سواحل جنوب شرق آسيا، إلى نيو أورليانز حيث البيوت والمستشفيات والمدارس والمرافق العامة التي مزقها إعصار كاترينا تهمل فلا يعاد بناءها أو فتحها.
“عقيدة الصدمة” إذن تتجسد في إرهاق وأرباك الناس بعد الصدمات الجماعية الضخمة التي يتعرضون لها مثل الحروب والهجمات الإرهابية أو الكوارث الطبيعية من أجل تحقيق السيطرة عن طريق فرض العلاج بالصدمة الاقتصادية. وتلك السياسة لم تبدأ مع 11 سبتمبر 2001، بل تعود اصولها إلى مجموعة جامعة شيكاغو بقيادة ميلتون فريدمان التي أنشئت في منتصف القرن العشرين وأفرزت العديد من المفكرين المحافظين والليبراليين الجدد الذين لا يزال تأثيرهم عميقاً في واشنطن إلى اليوم. وفريدمان، مثلما ناعومي كلاين، يهودي تعود أصوله إلى أسرة من مدينة هنغارية تقع حالياً في أوكرانيا هاجرت إلى الولايات المتحدة، وحصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1976 تكريماً لإسهاماته في مجالات تحليل الاستهلاك والنظرية النقدية والمالية، وكان مدافعاً عن المذهب الليبرالي والأسواق الحرة ومروجاً لها في جميع أنحاء العالم عبر محاضراته وبرنامجه التلفزيوني “حرية الاختيار”. وبفضل أفكار مجموعة شيكاغو، تم رسم علاقات جديدة ومثيرة للدهشة بين السياسة الاقتصادية وحرب “الصدمة والرعب” والتجارب السرية الممولة من وكالة المخابرات المركزية. وتتبع عقيدة الصدمة تطبيق هذه الأفكار في التاريخ المعاصر بشكل متعمد من بينها انقلاب بينوشيه في تشيلي عام 1973 وحرب جزر الفوكلاند عام 1982 ومذبحة ساحة تيانانمن في الصين عام 1989 وانهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 والازمة المالية الاسيوية عام 1997، والحرب على العراق، وربما الربيع العربي وعالمه الجديد الموعود.
د. عبدالله الزعبي.

تعليق واحد

  1. عزيزي د. عبدالله : ما جئت به في المقال أعتبره غيضاً من فيض..!

    فلو تتبعت تطوّرات وأسرار حرب تشرين 1973 كمثال من منطقتنا آنذاك وما آلت إليه في نهايات السبعينيات وما قام به هنري كيسنجر بالترتيب مع الملك فيصل ابن عبدالعزيز بإقفال النفط عن أوروبا، ثم تطورات نشوء واضمحلال الكثير من الأحزاب الأوروبية وانقلابات بعض حكوماتها باتجاه أمريكا ضد السوفييت آنذاك، ثم القضاء على المقاومة الفلسطينية من العام 1970 في الأردن ثم إغلاق جبهة الجولان أمام المقاومة تحت حافظ الأسد وإلى الأبد (صفقة خاصة مع سوريا)، إلى انبطاح أنور السادات أمام مناحيم بيجن عام 1977 وإغلاق جبهة سيناء كذلك، ثم إلى القضاء نهائياً على المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي عام 1982 في لبنان وطردها إلى تونس معطوبة لم تعد بعدها موجودة من خارج الأرض المحتلة. هنري كيسنجر ولا يزال على قيد الحياة هو كذلك أحد أكبر المنظّرين لهذه النظرية والتي آتت أُكلها 1991 في العراق ثم من بعد 2001 في باقي بقاع العالم الإسلامي ولغاية هذه اللحظة ( انظر إلى بني سعود الآن وتحالفهم الوثيق منذ عام 1946بين عبدالعزيز و روزفلت بعيد الحرب العالمية الثانية) . الملك فيصل أغلق النفط آنذاك فقط أمام أوروبا لمصلحة أمريكا فقط وليس كما يُقال لأنه عروبي ولمصلحة الأخوة الفلسطينين. فهو ابن عبدالعزيز وكان حاضراً مع والده وباقي إخوته على ظهر البارجة الأمريكية في السويس عند توقيع معاهدة التحالف عام 1946، ولم يخالف حلفاءه. وكل الروايات عنه وعن بطولاته تلفيق وتفخيم لشخصيّة وهميّة.. هذا الكلام الأخير جاء على لسان كيسينجر نفسه ولغة أمّه الألمانية والتي أتقنها كلغة أمي..!