الرئيسية / كتاب الموقع / صدفة أو فيروس…  

صدفة أو فيروس…  

الدكتور ناصر نايف البزور
نشرتُ قبل عامٍ مقالةً حول حساسية الكثير منّا لجميع الأحداث ولجوئنا الدائم إلى نظريات الشك والتشكيك ونظريات الميتافيزيقيا والمؤامرة في كلّ حدثٍ يقع في بلادنا… 🙁 فإذا وقعَ زلزال في العقبة، قلنا: تجارب نووية إسرائيلية… 🙁 وإذا حدثت فيضانات قلنا: غضب من ربّ العالمين… 🙁 وإذا مرض أحدهم قلنا سحر أو “نبطوه حجاب”… 🙁 وإذا تساقط شعر سيّدة أربعينية قلنا: “سلخوها” عين… 🙁 وإذا سقطت قطعة “شوكولاتة مارس” من يد أحدهم قلنا: منفوسة… 🙁 وإذا التقى أحدٌ بشخص يكرهه في مكان ما قال: هذا بعثه فلان حتّى يراقبني ويتجسّس عليّه… 🙁
كلّ هذه الأسباب الغريبة والميتافيزيقية قد تكون مقبولة في حالة واحدة من أصل مليون حالة؛ ولكنّنا للأسف نقوم بتعميم هذه الأسباب في جميع الأحوال… 🙁 فالفياضانات تحدث في كلّ مكان وزمان بسبب غزارة الامطار… والناس تمرض بسبب البكتيريا والفيروسات… وتساقط الشعر تعاني منه عشرات ملايين النساء بسبب نقص الفيتامينات…. والأجسام تسقط من بين أيدي مليارات الناس يومياً بسبب خلل لحظي في إشارات الدماغ… 🙁 ولقاؤك بشخص تكرهه أو تحبّه قد يكون محض الصدفة في كثيرٍ من الأحيان… :)فالأسباب والمُسبّبات تكون منطقية في 99.9% من الحالات… 🙁
الجميل والمضحك-المبكي في الموضوع هو أنّ مواقع التواصل الاجتماعي عَجَّت في الساعات الماضية بالحديث عن تعيين دولة رئيس الوزراء لأربعة أشخاص في مواقع ومناصب رفيعة المستوى؛ عشرات الآلاف من الفيسبوكّيّين والتوتريّين استنكروا ما حدث تصريحاً أو تعريضاً مّتهمين الدكتور الرزاز بعدم العدالة في توزيع فرص العمل بين الأردنيين… 🙁
هذه الاتّهامات كانت لسببٍ ميتافيزيقي واهم؛ وهو أنّ الأشخاص الأربعة الذين حصلوا على تلك المناصب هُم أشقّاء لأربعة مِن أصحاب السعادة النوّاب…. 🙁 وهذا هو نفس السبب تقريباً الذي جعل معالي الدكتور ممدوح العبّادي يستهجن عدم تعيين أنسبائه كوزراء؛ بل وتعيين بعض الوزراء الذين “يأتون بهم من الشارع”؛ لكنّه من باب الأمانة لم يقل عنهم “أبناء شوارع” كما اتّهمه البعض؛ وهذا ما أكّده معاليه في لقاءٍ مباشِر على  الهواء… 🙁
عودة إلى صُلب الموضوع؛ فليس هناك أيّ سبب علمي أو منطقي يجعل الكثير من الأردنيّين يعتقدون أنّ هذه التعيينات التي جاءت جميعها في غضون ساعات هي بسبب العلاقة الشخصية لهؤلاء الأشخاص المُعَيَّنين بأصحاب السعادة النواب؛ أي أنّه لا يجوز مُطلقاً أن نفترض وجود “واسطة” أو صفقة (لا سمح الله) بين هؤلاء النوّاب وبين دولة رئيس الوزراء من باب “حِكِّلي تَحِكّلَّك” … 🙁
يا سادة فلنكن عقلانيين وموضوعيبن؛ أكاد أجزم أنّه لا يوجد هناك محاباة ولا واسطات ولا صفقات ولا مؤامرات في الموضوع؛ فالقضية ببساطة هي محض الصدفة… هي الصُدفة أن تتم هذه التعينات بشكلّ متزامن…وأن تتم في مواقع حسّاسة وهامّة…وأن يكون المستفيدون الأربعة أشقّاء لأربعة نوّاب محترمين… 🙁
هي الصدفة يا سادة…أو ربّما يكون فيروس لا نعرفه يحمله هؤلاء الأشخاص الأربعة يجعلهم عُرضة للأمراض- أعني للمناصب العليا- أكثر من غيرهم… أو لربّما قام بعض اقربائهم “بعمل حجاب” لدولة رئيس الوزراء جعله يتّخذ هذا القرار الذي قد يبدو غريباً للبعض… 🙂 يا سادة، لماذا تؤمنون بالحجابات والسحر في تفسيركم لمعظم أحداث حياتكم من زواج وطلاق ونجاح ورسوب وفقر وغنى؛ ولا تؤمنون بها في هذه القضية بالذات… 🙁 #والله_واتلولحي_يا_دالية