الرئيسية / اخبار / العلم والتنمية والثورة العربية

العلم والتنمية والثورة العربية

الدكتور عبدالله الزعبي

يواجه العالم العربي اليوم تحديات هائلة تتمثل في تقليص الفجوة المعرفية مع بقية العالم في كافة مناحي العيش السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعلمية والتكنولوجية وحتى الأخلاقية. إن التاريخ الحديث لإصلاح التعليم في المنطقة في الوطن العربي يسرد قصة طموح وإنجاز إنتهت للأسف بالعجز عن تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية. تتسع الفجوة بين الطموح والواقع باستمرار مع تعثر المدارس والجامعات وأنظمة التعليم في طريق تحقيق أهداف التنمية الحالية والمستقبلية. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال الدول العربية متخلفة عن العديد من الدول في المنطقة والمشابة في العالم حيث العلاقة بين التعليم والنمو الاقتصادي والحد من الفقر ضعيفة ومحزنة.

يمر التعليم العالي المتجذر بعمق في التاريخ العربي بمرحلة انتقالية وتحول تتميز بالتفتت والتشتت والنوعية السيئة في مخرجاته. لقد تحملت الجامعات سلسلة من الانتكاسات التي تتجلى في الحالة المعطوبة للبحث العلمي حيث تشير الدلائل ضعف أداء التعليم العالي العربي في التأثير على التنمية الاجتماعية والاقتصادية. إن الحضارات تزدهر وتسقط عبر نوافذ المعرفة التي وصلت الحضارة العربية ذروتها عندما أولاها قادة الأمة رعاية ومكانة في خلق معرفة جديدة وضمان حرية العقل كركن للتقدم والتطور.

أصبح رفع مستوى التعليم ضرورة ملحة إذاً يجب أن تتصدر قضايا الأولوية الوطنية في جميع أنحاء العالم العربي إذ أن تحليل المشهد العلمي يبعث على الأسى الكآبة والغمة بسبب السياسية العقيمة التي تكبت الحرية وتضعف الآليات الديمقراطية وتعتمد على أنماط بالية في إدارة مؤسسات العلم والدولة. ومع ذلك، يجب تحليل المشكلات الثقافية التي تواجه العالم العربي بعمق من منظور تاريخي من أجل تحديد العوائق الهائلة التي تعطل تقدم وتطور العلوم والمجتمع والأمة العربية. على وجه الخصوص، يلقي العقل المضاد للثورة العلمية، الذي يسيطر على الثقافة العربية بظلاله المعتمه منذ العصور الوسطى على جميع الأنسجة الفكرية ويعيق مسيرة الأوطان صوب المستقبل. أما الظروف المأساوية السائدة على امتداد مساحة الوطن الكبيرة فتتطلب التجديد بشكل ثوري وعاجل وتتطلب تنشيط ثقافة علمية جديدة تشكل أساساً لصناعة معرفية فعالة ومؤثرة، يبدأ بإصلاح التعليم الأساسي والعالي كأولوية قصوى في السعي لتحقيق تطلعات أجيال المستقبل وتحديث الدولة العربية، وذلك يعني بالضرورة ثورة سياسية تلوح بالأفق سيراق على جوانبها الدم.

د. عبدالله الزعبي.