الرئيسية / كتاب الموقع / الحراك الشعبي.. إلى أين

الحراك الشعبي.. إلى أين

فهمي عبد العزيز

أنجز الحراك الشعبي بعض التقدم بمطالبه، ومن المفترض أن يكون هذا مقدمة نحو إنجازات أخرى؛ ملخصها استرجاع الشعب لسلطته وإعادة تشكيل الدولة الأردنية بنفس طويل وزمن أطول، هذا إن “وحدت الله” قوى الشد العكسي؛ سواء تلك القابعة في تركيبتنا الاجتماعية التحتية أو تلك الممسكة على رقبة الدولة بتركيبتها الطبقية والسياسية الفوقية..؟!

وكان من الطبيعي منذ بدأ الشعب حراكه في الشارع، وخلال وبعد تشكيل حكومة الرزاز، ظهور آراء واتجاهات كثيرة متداخلة ومتناقضة؛ منها المخلصة لمصلحة وطنية عليا، ومنها المتحوصلة حول مصلحتها الضيقة، مع ذلك فإن الخلاف والاختلاف واقع وضرورة لابد منها، والوصول إلى الاتفاق والتوافق يكون بإعادة تشكيل دولة “المواطنة” لا “الفئوية” العشائرية والمناطقية والاقليمية والدينية وغيرها، وهذه بالأصل هي فسيفساء اجتماعية وألوان طبيعية لقوس قزح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في أية بقعة جغرافية من هذا العالم، لكن بوجود دولة مدنية حديثة ليس فيها لا “شيخ” ولا “صباب قهوة”، وإنما محكومة بمبدأ “المواطنة” والتخصص وتقسيم العمل والدستور والقانون، لا بإبن فلان ولا بإبن علان، فإننا بذلك نتخلص من “سمالة” القاع والدرك الأسفل اجتماعيا أولا ومن ثم من “سمالة” البنية الفوقية للدولة ثانيا وأخيرا..!!

والآن.. لابد للحراك الشعبي أن يتأطر ويُنظم من أجل متابعة ما جاء في كتاب التكليف وما ستنجزه الحكومة من مطالب وتصحيح لمسار الدولة، لكن في المقابل والأصل أن يكون مسارنا نحن المجتمع صحيحا لا فاسدا ومفسدا، ولا أن يكون بعضنا مشككا ومتفرجا، ولا أن نضع مصالحنا الفردية الأنانية فوق النظام والقانون؛ كما هي مطالبنا الشخصية الفردية عادة من نواب أفسدوا المجتمع والدولة؛ بسرقة وظائف أبناء الآخرين لأبناءنا، وسرقة الإعفاءات الطبية، وتخليص مهربوا المخدرات والعملة المزورة والأسلحة وغيرها من العقوبة الاجتماعية والقانونية، وتحويلهم لنا، عبر عصبياتنا العشائرية، إلى عبيد وقطعان في حظائرهم الانتخابية، وإلى سلعة يشترونها من بورصة انتخابية تسقط شرف وكرامة الإنسان، وغير ذلك الكثير..!! ربما بهذا وغيره يكون حراكنا صحوة وطنية ونقطة بدايتنا بتصحيح مسار المجتمع والدولة، وبكوننا ندعي الاسلام دينا، وعلى المستوى الفردي، أقلها، أن نُفعل القاعدة الإيمانية؛ “إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر”.. وإلا..!! ألف مقلعة تقلعنا، ولننتظر يوم النفخ في سور قيامتنا، يوم لا تنفع الندامة أمام كارثة الانهيار الوطني الكبير جراء إغلاق ولي الأمر لسمعه وبصره، وجراء فرجتنا على ما فعلته أفواهنا وأيادينا..؟!