الرئيسية / كتاب الموقع / الإخوان وثمن الإنتظار

الإخوان وثمن الإنتظار

الإخوان وثمن الإنتظار

ذات مساء، تلقيت دعوة من اصدقائي النشطاء في الشأن العام في مدينتي الرمثا من أجل مناقشة بعض المسائل السياسية التي نتجت عن الغزو الأمريكي للعراق. ذاك اليوم كان الألم يعتصر الفؤاد إذ كان قضى الصديق وإبن العمومة الشهيد المحامي موفق أبو الشيح الزعبي بنيران مروحية اميركية استهدفت سيارة كان يستقلها على طريق بغداد، منذ خمسة عشر عام. كنت يومها أُصارع أمواج المآسي والحرقة للمشاهد المروعة التي كانت تأتي من العراق حيث كانت جريمة أبو غريب تطل للتو برأسها على إستحياء من منابر الإعلام، تلك الجريمة التي اقشعر لها بدن الإنسانية وأطاحت بإكذوبة الديمقراطية والتحرير وحقوق الإنسان، جريمة كشفت خديعة الرجل الأبيض صاحب التفوق والرسالة الذي لطخ يده بدماء أخيه الأسود فحفر قبره عميقاً في ظلمات الأطلسي أثناء رحلة العبودية والرق، وخضب أرض أخيه الأحمر بدمه البريء ثم استأصله من الوجود، وأذاب جسد أخيه الأصفر بالنووي والنار والنابالم، وحول بلاد أخيه اللاتيني إلى جمهوريات موز وحشيش وإغتيال، وها هو اليوم يأتي إلى بغداد ليسلب شرف أخيه الأسمر ويغرقه بالعار.

كنت متحمساً أول اللقاء للحوار، للإستماع لرأي الإخوةَ والأُخوة، لنقاش النخبة والأحرار، فكان السجال جدياً والجدال مجدياً، إذ اجتمعت القلوب المنكسرة على وجوب العمل والتصدي ما أمكن للظلم والغطرسة وجنون ذاك الأبيض الدجال، رغم بعض هراء أطل من فوق أكوام الردى، وغصة خدشت جدار الأمل، ذلك أن استاذ فاضل وشخصية وقورة تمثل قطباً للإخوان المسلمين لخص ما يوجب عمله بالمطالبة بالإفراج عن سجين اشتهر في ذاك الوقت. أحسست يومها، وانا البعيد عن العمل السياسي والحزبي، أن مكاني الأنسب هو تحت الأرض لا فوقها، وأن مصير الأمة في مهب الأيام، فكيف نخنث الحزن والغضب بعد دفن الشهيد في مثل هكذا مطلب، وكيف ندافع عن الشرف الرفيع بعد إغتصاب الرجولة ما لم يراق على جوانبه الدم.

الإخوان المسلمون رجال أفاضل ونخبة صادقة، نجل ونحترم، ولا خلاف مع الجماعة سوى على الوطن وله، فما يراه المواطن الأردني البسيط، سواء في الحراك أو خارجه، أن الإخوان المسلمين خذلوا الوطن في عدة محطات عبر رحلة التأسيس والبناء، وتحالفوا مع النظام في صراعه مع حركات العروبة والقومية واليسار، ويمارسوا اليوم نفس النهج مع الحراك. الإخوان المسلمون جزء فاعل ونسيج دائم ومكون أساسي من الوطن الأردني، لذا يتوجب عليهم أن يرتقوا هذا المقام ويجعلوه أولويتهم، قولاً وفعلاً، خارج أطر أنانية الذات وجشع السلطة وأجندات التنظيم الإقليمي والدولي، ولعبة السياسة الدولية الحمقاء، عليهم أن يختاروا بين الوطن والذات، عليهم أن يدركوا أن الصفحات شارفت على الإنتهاء وجف المداد.

د. عبدالله الزعبي.

2 تعليقات

  1. الشيء الطبيعي ان تكون مع الوطن ومع النظام. اما الحركات القومية واليسارية التي تتغنى بها فهي التي استلمت السلطة في كثير من أقطارنا وتلقت الدعم من الشرق والغرب و أوصلت الامة إلى ما هي عليه واسفاه

  2. كم كنت كبير في أعيننا ، بالونات المخابرات التي تطلقونها مكشوفة. كل الاحترام