الرئيسية / اخبار / “أرقام صادمة” .. “كورونا” يتسبب بأمراض نفسية لـ6 ملايين شخص في الأردن

“أرقام صادمة” .. “كورونا” يتسبب بأمراض نفسية لـ6 ملايين شخص في الأردن

كشفت أول دراسة أكاديمية وطنية، عن أن الآثار النفسية المتفاوتة بين الشديدة والمتوسطة والبسيطة، والتي خلفتها جائحة كورونا، طالت نحو 6 ملايين شخص في الأردن بنسبة 65.3 %.
 
 
خبراء وأطباء وصفوا هذه النسبة التي توصلت إليها الدراسة بـ”الصادمة والمقلقة”، فيما تتعدد الحالات بين القلق والاكتئاب والهلع والخوف والعصبية المفرطة واليأس مدى الحياة.
 
 
ومن الأرقام الصادمة التي توصل إليها الفريق البحثي من جامعة البترا بالتعاون مع مستشفى الرشيد للطب النفسي وعدد من المؤسسات الأكاديمية، “أن 50 % يخافون من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية بسبب الحجر المنزلي وكان تأثرهم النفسي بأحاديث الأقارب وزملاء العمل أكثر من إصابتهم بالفيروس نفسه، وذلك بحسب ما أشار إليه، أستاذ ومستشار علاج الدوائي السريري، الدكتور ضرار بلعاوي، الذي أكد ، أن فقط 34.7 % من المشاركين تم تصنيفهم “أصحاء نفسياً بشكل كامل”.
 
 
وأشار بلعاوي إلى أن الدراسة شملت 1820 فرداً كعينة مُمثِّلة من سكان الأردن من مختلف المحافظات شمالاً وجنوباً ووسطاً، حيث كان أكثر من نصف المشاركين (55 %) من الإناث، ونحو ربع المشاركين من ذوي الدخل المحدود أقل من 500 دينار شهرياً، وأكثر من ثلثهم (35.2 %) من المدخنين المنتظمين.
 
 
كما وجدت الدراسة أن 5.5 % من المشاركين في البحث، كانوا يشعرون بتعب بدون سبب، و8.6 % كانوا يشعرون بعصبية مفرطة،
و7 % شعروا بيأس من الحياة طول الوقت، وفق قول عضو الفريق البحثي، يارا الصفدي.
 
 
ومن المفاجئ، حسب الصفدي، أن الدراسة وجدت أن 21.8 % من المشاركين يخشون التداعيات الاجتماعية (الحجر والبعد عن العائلة وكلام الأقارب والزملاء عن الإصابة بالفيروس) أكثر من الفيروس نفسه، وأن نحو ربع المشاركين يخشون التداعيات الاقتصادية للإصابة بالفيروس أكثر من الفيروس نفسه.
 
 
كما كشفت الدراسة، عن أن ذوي الدخل المنخفض (أقل من 500 دينار شهرياً)، كانوا حوالي 3 مرات أكثر عرضة للتداعيات النفسية الخطيرة، مقارنة بذوي الدخل المرتفع، وفق الدكتور أحمد مسلماني، عضو الفريق البحثي من جامعة العين الإماراتية، فيما كان الذين فقدوا عملهم خلال الجائحة أكثر بحوالي مرة ونصف عرضة للتداعيات النفسية الخطيرة مقارنة بالذين هم على رأس عملهم.
 
 
وأشار المسلماني، إلى أن الفريق البحثي تفاجأ بـ”أن مرضى السكري كانوا حوالي مرتين أكثر عرضة للتداعيات النفسية الخطيرة مقارنة بالأشخاص الأصحاء”.
 
 
ووفق ما ذكر رئيس الجمعية الأردنية للأطباء النفسيين، الدكتور نائل العدوان، “لغاية الآن، يفتقر الأردن إلى دراسة وطنية حول تأثير كورونا نفسيا على المحجورين أو المعزولين”، مضيفا، “يحتاج الأردن فعليا إلى دراسة علمية عينتها قوامها 300 ألف مواطن أردني ليصار إلى تعميم نتائجها، فضلا عن تصنيف درجات الأمراض النفسية لدى الأصحاء والمصابين بمرض نفسي، بالإضافة إلى دراسة أخرى حول الحالة النفسية لمصابي كورونا”.
 
 
واعتبر العدوان، “أن إصابة ما يقارب ستة ملايين شخص بأمراض نفسية جراء كورونا يعد رقما صادما ومقلقا”، مشيرا إلى أن “دراسة بريطانية جديدة كشفت عن أنه تم تشخيص على الأقل واحد من كل خمسة أشخاص مصابين بفيروس كورونا باضطراب نفسي مثل القلق أو الاكتئاب أو الأرق في غضون الثلاثة الأشهر اللاحقة من نتيجة اختبار فيروس كورونا الإيجابي”.
 
 
وقبل أسبوعين، أكد باحثون من جامعة أكسفورد ومركز أكسفورد للبحوث الطبية الحيوية في المعهد الوطني لحقوق الإنسان، أن الأشخاص الذين لديهم تشخيص سابق للصحة العقلية كانوا أكثر عرضة بنسبة 65 % لتشخيص إصابتهم بفيروس كورونا من أولئك الذين لا يعانون منها، مع الأخذ في عين الاعتبار عوامل الخطر المعروفة مثل العمر والجنس والعرق والظروف الجسدية الأساسية.
 
 
غير أن الأمل بعلاج ما يقارب ربع المجتمع الأردني ممن يعانون من أمراض نفسية مختلفة، يغتاله “عدم اقتناع الأهل والمريض بأهمية وفاعلية العلاج، وعدم الانتظام في الجلسات السلوكية والعلاجية، وضعف الشبكات الاجتماعية المساندة لهم”، بحسب العدوان الذي أوضح أن “4 % فقط، أي حوالي 100 ألف شخص بالأردن بحاجة إلى علاج داخل غرف المستشفيات أو المراكز العلاجية النفسية”.
 
 
وقدم العدوان نصائح أولية حول كيفية التعامل مع الاكتئاب والقلق للمواطنين في ظل ارتفاع الأعداد التي شهدها الأردن خلال الشهور الماضية، من أهمها البحث عن بدائل لعادات وسلوكات يمارسها الشخص وإيجاد طرائق جديدة للتواصل مع الآخرين في حال عدم التمكّن من الخروج من المنزل.
 
 
من جهته، دعا مستشار الطب النفسي والإدمان في مستشفى الرشيد للأمراض النفسية، وليد شنيقات، أي مواطن يشعر بأعراض الاكتئاب والقلق، إلى الاستعانة بالأطباء النفسيين للوقوف على خطورة وضعه الصحي والنفسي والبحث عن علاج، مشيرا كذلك إلى أن على الهيئات الصحية الأردنية توسيع نطاق العيادات الصحية النفسية وعمل حملات توعية واسعة عن الأمراض النفسية مع تسهيلات لضمان وصول العلاج النفسي لجميع شرائح المجتمع، وهو ما دعت إليه الدراسة.
 
 
ولدى مقارنة تداعيات المرض النفسي على الأردنيين مع الدول الأخرى منها كإسبانيا وإيطاليا وتركيا وأميركا، بجسب شنيقات، فإن المملكة تواجه “الأخطر” جراء العدد المنخفض من الأطباء النفسيين مقابل كل 100 ألف مواطن أردني، بالإضافة لأسباب اجتماعية تتعلق بوصمة العار المنتشرة في مجتمعاتنا العربية.
 
 
وبحسب معلومات راشحة من وزارة الصحة، تتوفر في المملكة 64 عيادة خارجية للصحة النفسية، واحدة منها مخصصة للأطفال واليافعين، فيما تتواجد معظم أسرة الصحة النفسية في الأردن في مستشفيات الأمراض النفسية بمعدل 8.2 سرير لكل 100 ألف مواطن، والوحدات النفسية للإقامة المجتمعية بمعدل 0.03 لكل 100 ألف مواطن.
 
 
يذكر أن منظمة الصحة العالمية، أكدت أن جائحة كورونا، يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات عصبية وعقلية، مثل الهذيان والهياج والسكتة الدماغية، فيما الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية أو عصبية أو اضطرابات موجودة مسبقا، هم أيضا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، وربما يكونون أكثر عرضة لخطر الإصابة الشديدة وحتى الموت.