الرئيسية / كتاب الموقع / مشكلة رواتب الجامعات:

مشكلة رواتب الجامعات:

 

د.ثامر عبد المُهدي محمود حتاملة

يشتكي كثيرٌ من الأساتذة والمدرسين الأصدقاء العاملين في الجامعات منذ ثلاث سنوات تقريباً تأخر الرواتب الدائم والمتكرر من جامعاتهم، حتى في بعض الجامعات حقوقهم من الفصل الصيفي من العام الماضي ٢٠١٨م لم يأخذوها حتى الآن، ومن خلال سؤالي أصدقائي في ثلاث جامعات رسمية اتضح لي أن سوء الإدارة هو السبب الرئيس، ويأتي بعده أسباب خرجت من عباءة سوء الإدارة.

وخلال عملي في جامعة تركية منذ ست سنوات حتى الآن أحببت طرح بعض الحلول العملية التي رأيتها خلال هذه الفترة-وقد زرت كثيراً من الجامعات في تركيا خلال المؤتمرات ومناقشة الرسائل أو الأصدقاء هناك-، ومما رأيته ويمكن تأمين دخل دائم للجامعة:

 

١- تسهيل تسجيل الطلاب الأجانب في برامج الدراسات العليا عدا عن البكالوريوس، فمن خلاله تستطيع الجامعة تأمين دخلٍ ممتاز من خلالهم، ففي شمال العراق على سبيل المثال أخذت جامعتنا قرابة ٦٠٠ طالب ماجستير خلال سنتين في مختلف التخصصات ، حتى اشرفتُ شخصياً على تسعة منهم، فشمال العراق انفتحت على العالم ويرغب الطلاب فيها بالدراسة في الأردن لكن ربما هناك عدم تواصل بين حكومتنا سعياً لجذب طلابهم إلينا، وكون الدراسة عندنا باللغة العربية هذه ميزة لنا تفتقدها تركيا ويرغب بها الطلاب، مما يشوق الطلاب للدراسة عندنا، وكذلك الطلاب الأتراك وغيرهم كثير من الطلاب.

٢- فتح دورات لتدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، فدائما ً أسمع من طلابي الذين نساعدهم للذهاب إلى الأردن عن تكلفة دورة اللغة العربية ارقاماً خيالية، ففي بعض المراكز في العاصمة تكلفة الدورة في أربعة أشهر كلفت أحد طلابي 600 دولار، وفي ستة أشهر قد تصل إلى 1000، فيمكن للجامعة تقديم هذه الدورات بسعر مميز عن طريق التواصل مع السفارة التركية ووزاةة التعليم العالي التركية بطرح البرامج واستقدام الطلاب، ولا يغيب عنا سمعة الجامعات الأردنية وخاصة عندما تكون الدورة في جامعة حكومية معتمدة.

٣- بناء فندق في كل جامعة، ففي عموم تركيا هناك لكل وزارة او جامعة فندق في كل مدينة، (ويكون هناك سعر مخفض لأعضاء هذه الدائرة)، وهذا الفندق يكون سعره مميز ، فتجد في المدينة: فندق الجامعة، فندق المعلمين(يتبع لوزارة التربية) وهكذا، وهذا الفندق هو استثمار دائم للجامعة: على مدار السنة، ثم في المؤتمرات، أو الضيوف…الخ.

٤- عقد مؤتمرات دولية مدفوعة الأجر بِعدَّة لغات (عربية ، انجليزية، تركية، كردية) وغيرها من اللغات خاصة في الشرق الأوسط ثم العالمية، الآن أصبحت معظم المؤتمرات مدفوعة الأجر، على سبيل المثال: قبل فترة رأيت صديقاً لي وضع على مواقع التواصل أنه ذاهب الى مؤتمر ما في تركيا ويودع أصدقاءه، (وهذا المؤتمر كونه في تركيا جاءنا الإعلان عنه) وهو مدفوع الأجر، وكانت أجرة المتحدث فيه 450 دولاراً للشخص، فإذا كانت تكلفة الشخص 300 دولار ، هكذا ستوفر الجامعة لها 150 دولاراً عن كل مشارك، والآن بعض الجامعات الأردنية أو المراكز تقيم بعض المؤتمرات بالاشتراك مع بعض الجامعات التركية وعلى أرض تركيا، ويشارك فيه كثير من الزملاء الأردنيين نظراً لحاجتهم إلى المشاركة في المؤتمرات العلمية خاصة المحكَّمة وذلك لأغراض الترقيات.

٥- في بعض الجامعات هناك كليات زراعة:

يلزم هذه الكليات تزويد المجتمع المحلي دائماً بالمنتجات الصحية والمميزة، ففي جامعتنا على سبيل المثال: كل فترة نشتري الخضار والفواكه، واللحوم الحمراء والبيضاء، والاشتال الزراعية والزهور…الخ، مما يمكن ويرجى من هذه الكلية.

 

٦- تأجير الأراضي الزراعية غير المستغلة لأعضاء الهيئة التدريسية:

في كثير من الجامعات التركية تقوم الجامعة بتأجير أعضاء الهيئة التدريسية بمساحة معينة لمدة سنة وتجدد، فعلى سبيل المثال:

في جامعة العلوم والتكنولوجيا كم هي الأراضي غير المستغلة؟، فلو تم تحديد قطع بمساحة ربع دونم ، فيستأجره أحد العاملين الجامعة ليزرعه كما يريد أو يجعله حديقة له مع إمكانية بناء غرفة هناك، فمنه تجد شريحة من الناس حديقة خاصة له فيزرعها كما يريد، ومنه إيجاد دخل جديد للجامعة، وهذا ما رأيته في جامعتي وجامعة ملاطيا وغيرها من الجامعات.

 

٧- عمل دروات متعددة ودائمة للطلاب والمجتمع المحلي، ومدفوعة الأجر بشكل معقول، كل دورة وما يحتاجه الناس:

فعلى سبيل المثال عندنا : دورات دائمة للحاسوب، الخياطة، صيانة الأجهزة، اللغات كافة…الخ، وقد تكون هذه الدورات بالتعاقد مع المديريات، على سبيل المثال: يمكن لكلية الفنون عقد دورة مقامات صوتية بالاتفاق مع كلية الشريعة ووزارة الأوقاف، وهذه الدورة مدفوعة الأجر وفيها فائدة مادية للجامعة، كما فيها فائدة للمجتمع وذلك بتحسين أداء بعض الأئمة والمؤذنين، وكذلك كل كلية تقوم بعقد دورات تدريبية حسب طاقاتها، وبالتواصل مع كل وزارة أو شريحة لها اهتمام.

 

٨- إقامة مركز رياضي ولياقة بدنية:

للطلاب والطالبات وأعضاء الهيئة والعاملين، وتحدد أيام للذكور وأيام للإناث، ففي جامعتنا وكل جامعة يوجد مركز لياقة بدنية يدفع العضو أو الطالب سعراً رمزياً ، ويبقى مفتوحاً يومياً حتى التاسعة مساء، مع وجود مسبح وساونا، وفي جامعاتنا كثير من الأشخاص يمكن تكليفهم بذلك والبطالة المقنعة عندنا أكثر من أن نتكلم عنها.

 

٩- إنشاء وقف خيري لكلية الشريعة في الجامعة: مما يعين الطلاب الفقراء فيها وكذلك بعض النشاطات العلمية في الكلية، ففي تركيا كثير من كليات الشريعة لها وقفية خاصة ترعى هذه الكلية وطلابها ونشاطاتها، مما يخفف العبء عن ميزانية الجامعة لهذه الكلية ، فنحن بحاجة لتفعيل الأوقاف الخيرية الدائمة لطلاب العلم كما كانت قديماً مثل المدارس العلمية التي تخرج منها كبار العلماء ، وفي تركيا ما زالت تلك المدارس والتكايا والأوقاف إلى يومنا هذا، وقد خطت ال جامعة الأردنية هذه الخطوة المميزة، ويبقى إيصال فكرة صحيحة ومقنعة للمجتمع عنها، والسعي للإعلان عنها.

 

١٠- فتح مجال الترقيات لغير المنتسبين للجامعة، ففي مصر وتركيا يستطيع أي حامل شهادة دكتوراه الحصول على الترقية ضمن شروط معينة ومدونة الأجر، فكثير من الكفاءات الأردنية التي تعمل خارج الأردن او داخله لم يحصلوا على فرصة للعمل الأكاديمي داخل او خارج الأردن، فتستطيع الجامعة أو وزارة التعليم العالي استحداث هيئة عليا للترقيات، وهذه خطوة ستفتح مجالاً للكفاءات الأردنية للعمل خارج الأردن عندما يكون معه رتبة رسمية موثوقة، وهكذا تعمل مصر مما يفتح المجال للمصريين بالعمل خارج مصر كونه معه رتبة رسمية، وقد خاطبت رسمياً وزير التعليم العالي بهذا المقترح مع كل آلياته في مصر وتركيا، ولكن…!

11- إنشاء مجلة علمية محكَّمة في كلِّ كلية تنشر الأبحاث والدراسات العلمية والكتب المحكَّمة مقابل أجر معقول، فهل يعقل في كثير من الكليات القديمة في جامعاتنا لا يوجد مجلة علمية محكَّمة تصدر عنها؟!، فيمكن أن يصبح نشر الأبحاث والدراسات وحتى الكتب من خلال أجرة للتحكيم، من هنا توفر الجامعة على نفسها عبء التحكيم، ولا أخفي سراً أنني بدأت تحكيم بعض الأبحاث مجاناً في بعض المجلات العلمية في إحدى الجامعات الأردنية، عدا عن تحكيم كثير من الأبحاث بالمجان في أقطار العالم الإسلامي، ومن خلال عملي كرئيس هيئة تحرير في كلية الإلهيات خلال سنوات وعضويتي في كثير من المجلات رأيت ذلك مُجدياً، فجميع من قام بالتحكيم لدينا هم بالمجان، وكانوا يكتفوا بخطاب شكر وعرفان لهم -جزاهم الله كل خير- فنحن نرى كثيراً من الاساتذة الأردنيين ينشرون أبحاثهم في جامعات غير أردنية مقابل سبعين دولاراً للبحث، ومنها مئة دولاراً، فمن خلال تأسيس مجلة علمية في كل كلية أو بالتشارك بين الكليات العلمية أو الإنسانية سيفتح مجالاً: أولاً لهذه الكليات بالتخفيف من عبء التحكيم، ثمَّ فتح مجال للهيئة التدريسية بنشر أبحاثهم بدل أن يجدوا صعوبة في مجلات خارج الجامعة، ويمكن للكلية اقتطاع مبلغ عشر دولارات من كل بحث يعود للكلية.

هذه اقتراحات عملية ومضمونة على أرض الواقع ومجربة ، أضعها بين يدي كل غيور في إدارات الجامعات ووزارة التعليم العالي

كتبه

د.ثامر عبد المُهدي محمود حتاملة

الأستاذ المشارك في قسم الحديث الشريف وعلومه- جامعة بنكول التركية.

ورئيس قسم القراءات القرآنية في جامعة مينيسوتا فرع تركيا.