الرئيسية / كتاب الموقع / عبق الربيع في قريتي الجميلة 

عبق الربيع في قريتي الجميلة 

عبق الربيع في قريتي الجميلة

ماجد ديباجة

عندما كان يشب الربيع في الحنايا وتبدأ الارض بارتداء ثوبها الأخضر المزين بالوان الزهور والمحبة، كان طريق الشلالة هدف مشوارنا الأول وعنوان لهونا وشقاوتنا العتيقة ، كنا ننطلق شوقا ولهفة للوصول الى مرابع الصبا الغضة وملاعب الغواية والصبابة ، كان للعلت والجلتون والمرار والعكوب وجزر ابو على ( هل تتذكروه نعم جزر ابو علي ) طعما لايدانيه الاّ طعم العشق والهوى والشقاوة المبكرة. حيث رائحة المقرة والدحنون تمخر عباب النفس وتلوّن هواها الاول ، و كنّا نستبيح الوقت حتى غروب الشمس لنعاود بيوتنا مشبعين بطيوب الأرض وغلال الربيع ، مغردين (غربن تغريب النية عالعكوب الله يساعدنا على فراق المحبوب )

واذا ما اخذنا المسير شوقا إلى الشرق من قريتي الجميلة رأيت النفوس ترنو الى عبق الزعتر البري والشيح والقيصوم عند روابي الزوايد وعراق العبد حيث كنا نردّد وجداَ ( يامشرقين مشرق شرقه مابو ربيعي .. خوفي على بنيتكم بين الجبال تضيعي ) . وأما عوش وعبطان وما حولهما فلهما قصة اخرى حيث مجامع الدريهمة والكريشة تنادينا لنعود بها منتشين بغلتنا الوفيره لنٌغدق بها أمهاتنا الناطرات في البيوت العتيقة مستذكرين حِداءُهن الحزين ( جانا المطر من قبلة والغيم لم طرافة وأني مضيع وليفي سقا الله يامن شافه )

واليوم وقد جادت علينا السماء بالخيرات والمسرات أخذت تًتوارد الى خوالج النفس كل تلك المشاهد الجميلة التي رسمت طفولتنا وصبانا وعشقنا السرمدي لقريتنا الجميلة . انها دعوة مجانية لِتنظروا حولكم وتكحلوا مآقيكم بما جادت به الطبيعة في قريتنا الجميلة ، ولتغسلوا من بين الحنايا كل مرارات الحياة وأدرانها الغارقة في السواد والعبوس . ولتعود النفوس الى طبيعتها و منبتها الأول الى الأرض حيث لا اجمل ولاأغلى من ثرى حبيبتي وأرض قريتي الجميلة ( الرمثا ) .