الرئيسية / كتاب الموقع / راح طبق البيض

راح طبق البيض

محمد بديوي

أنهى ابو صالح صلاة الظهر في المسجد العمري الكبير.على باب المسجد يقف (بكم) محملا بالبيض، وصاحبه ينادي: ” طبق البيض “بخمسة وستين” قرشا. اشترى ابو صالح (طبقان) فقد عجبه السعر كثيرا. بدأ بنزول الشارع المنحدر قليلا،فجأة..توقف في منتصف الشارع وهو يحدق بقشرة موز كبيرة ملقاة وسط الشارع، أمتار قليلة ما بين قشرة الموز وأبو صالح الذي تسمر مكانه محدقا بقشرة الموز..انتبه إلى ارتفاع أبواق السيارات، وصياح بعض الأشخاص، تنهد.. ثم قال: (راح طبق البيض.!!) نحن نشبه “ابو صالح” كثيرا، نحمل أطباق البيض،أو أي شئ آخر يحتاج حمله إلى الحذر، والتأني، نرى قشرة الموز ونفترض أننا سنصلها، وأن قدمنا ستطأها..ما سيجعلنا نتزحلق ونقع أرضا..وأننا سنفقد ما كنا نحمل من بيض دون ان نفكر بتغيير مسارنا، كما أنه لا يخطر ببال أي منا حمل قشرة الموز ووضعها في المكان المخصص لها.. ولو من باب (إماطة الأذى عن الطريق صدقة) حتى أننا لا نسأل ولا نتحرى عن الذين يرمون قشر الموز في الشوارع لنضع لهم حدا، إما بالإرشاد أو العقاب…أيضا نحن لا نعترض على من ينادي بصوت مرتفع خلال الصلاة ..قبلها، وبعدها “طبق البيض “بخمسة وستين” قرشا.! يقول لي أحد الأصدقاء أن طبق البيض بـ (75) وليس (65) من باب نقل المعلومة بأمانة..وأكمل يقول:قبل ما يقرب من الثلاثين عاما كان الناس يموتون من أجل رغيف الخبز رغم فقرهم المطقع، واليوم ومع ارتفاع الأسعار المهول تجد الخبز في أكياس قرب حاويات القمامة..تعجبت وقلت له: ما علاقة البيض بالخبز.! قال أتحدث عن الورع لدى الناس..فأنت لن تجد من يضع رغيف الخبز مباشرة بالحاوية، لكنه ومن باب إكرام النعمة يضعها بجانبها.. قلت والبيض.. قال لا علاقة له سوى أنه يتكسر بسبب قشر الموز الملقى في طريق الناس.. حتى أن البيض قد لا يتكسر وحده، فقد حدث أن تزحلق أحدهم فانكسرت قدمه وما يحمل من بيض.. قلت: كان عليه أن ينتبه، قال لقد كان منتبها إلى درجة أنه رأى من رمى قشرة الموز في طريقه.. قلت وماذا فعل: قال: لا شئ ..(جبروا قدمه عند المرايعة) وفي المساء ذهبوا إليه يحملون طيقا من البيض وأوصوه أن يخلطه مع الحليب حتى يتشافى بسرعة..ثم لعنوا الشيطان جميعا ..وقالوا (لا حول ولا قوة إلا بالله) قالوها معا.. ثم اعتذروا للرجل عن الفعل السئ الذي قام به قريبهم. قلت: لم يقصروا..الأمر كان يستحق الاعتذار.!!