المعيشية الحادثة في القطاع.
ويكرر الخبراء الاقتصاديون أن الصعوبات الاقتصادية في فلسطين مرتبطة بشكل رئيس بالمضايقات الإسرائيلية على حركة الناس والبضائع بين المناطق المحتلة، وما بينها وبين باقي العالم. وتوفر قراءة للدراسات الاقتصادية المتوفرة، ومنها دراسات البنك الدولي، خريطة طريق واضحة للازدهار الاقتصادي الفلسطيني. وبكل بساطة، قرار المؤسسة العسكرية الإسرائيلية هو ما سيأتي، بسهولة، بنتائج ملموسة في تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين فورا.
لقد وفر اتفاق المبادئ الفلسطيني الإسرائيلي (أوسلو)، والذي تم توقيعه أمام الشاهد الأميركي في البيت الأبيض عام 1993، حلولا واضحة عديدة، منها الطريق الآمن بين غزة والضفة الغربية، والذي تم بالفعل تشغيله، غير أن إسرائيل سرعان ما ألغته، فلو تم السماح بتنقل الأشخاص والبضائع، لتم تخفيف ملموس لمعاناة 1.8 مليون فلسطيني يعيشون في ما يشبه طنجرة الضغط، وقد تم تصميم ذلك الطريق بوجود بنود تحمي أمن إسرائيل، إلا أن غياب الإرادة السياسية هو ما أحبط مشروعه.
ينص البيان الأميركي البحريني بشأن الورشة الاقتصادية على أن هدفها “تطوير البنية البشرية وتوفير فرص لنجاح نمو يتمحور حول الاقتصاد الخاص”. وهذه تسميات برّاقة وغير منطقية لمنطقة تحت احتلال، وتعاني من مضايقات أمنية، فيما اشتملت الخطة التي طرحها رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، على حلول توفر مجالا لنمو الاقتصاد الحر، فقد اقترحت تطوير البنية التحتية، لتشمل ميناء ومطاراً لتسهل عملية التصدير الفلسطيني إلى أسواق أوروبا وغيرها، وقد رفضت إسرائيل هذه الخطط وغيرها، مثل إمكانية التنقيب عن النفط في الضفة الغربية والغاز من شواطئ غزة، كما تم تقليص إمكانات تطوّر الاقتصاد الرقمي الفلسطيني، فتم السماح فقط أخيراً بإدخال معدات الجيل الثالث إلى الضفة الغربية فقط، فيما لا تزال معدّات الخليوي للجيل الرابع ممنوعة عن الضفة وقطاع غزة، ويتم السماح للشركات
الإسرائيلية بمنافسة الشركات الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية بدون أي محدّدات.
إذا، بدل أن تقدّم أميركا خططا أحادية الجانب لتطوير الاقتصاد الفلسطيني، وهو ما ترفضه القيادة الفلسطينية، والذي سيتطلب إقناع الدول المشاركة في ورشة البحرين بدفع فاتورة تصل إلى 78 مليار دولار حسب التقارير، هناك طريق آخر، أن يطلب فريق ترامب من إسرائيل رفع القيود المفروضة لأسباب سياسية على الشعب الفلسطيني، فذلك سيساعد على تمهيد الطريق لنقاش سياسي. ومن الضروري أيضا الطلب من دولة الاحتلال أن تلتزم بالاتفاقيات التي تم توقيعها، وبشهادة الحكومة الأميركية، ومنها نقل كل الأموال التي تجبيها لصالح الخزينة الفلسطينية، وحسب بروتوكول باريس.
في النهاية، لا بد من إيجاد حل سياسي لإنهاء الاحتلال، وتوفير حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وهو حق غير قابل للتصرّف. وإذا كان هذا الحق غير متوفر حاليا، بسبب اختلال ميزان القوى، فيجب العمل على تحفيف الضغوط الاقتصادية، باحترام الاتفاقيات والمواثيق، ومنها نقل كامل المستحقات الفلسطينية، وهذه من أبسط الحقوق، بدلا من إضاعة الوقت في أوهام أن الشعب الفلسطيني سيبيع حقوقه مقابل حفنة من المال الملوث.